في القرن الواحد والعشرين تسعى الدول إلى الاستفادة من التقنيات والبرامج في البيئات التربوية (العوجة،2014)، وقد اهتمت وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية بشكل كبير بالتحولات المواكبة لرؤية المملكة 2030، فقد سعت الوزارة إلى إطلاق مشروع بوابة المستقبل بالتعاون مع شركة كلاسيرا (Classera)، والذي يستهدف تغيير النمط التقليدي في طباعة الكتب الدراسية، وتحويل بيئات التعليم إلى بيئات تفاعلية مستفيدة من إقبال الطلاب على التقنيات الحديثة (كلاسيرا الشرق الأوسط، 2017). ومن أهداف هذا المشروع التخلص من أعباء البيئة الورقية، وبالتالي سيكون البديل هو الكتاب الإلكتروني. وبحكم رغبة الوزارة في أن تكون البيئة تفاعلية، سيكون الكتاب الإلكتروني التفاعلي إذن هو أحد الحلول المناسبة.
وقد
ذكر جو وتينسون ووانج وهوانج (Jou, Tennyson, Wang & Huang, 2016) أن للكتب الإلكترونية فوائد كبيرة، حيث يستطيع
الطالب الوصول إليها في أي وقت وفي أي مكان، وتعتبر الحل الأمثل لبعض مشكلات التعليم
التقليدي، حيث توفر الكتب الإلكترونية فرصة للطالب للتفاعل مع محتوى التعلم. وقد أشار
الناهي (2013) إلى أنه نظرا لتطورات الثورة المعلوماتية والإلكترونية فإنه من المناسب
أن تتغير الكتب سواء على مستوى النوع أو النشر أو الأداء.
وقد
اهتم الباحثون بالكتب الإلكترونية، وأثرها على التحصيل والدافعية نحو التعلم، فعلى
مستوى التحصيل الدراسي أشار كل من لي وهانج (Lai,howang, 2015) إلى أن الكتب الإلكترونية التفاعلية عملت على
تحسين مستوى التحصيل الدراسي، وتتفق معه دراسة شيه وشين وشينق (shih,chen,cheng, 2015) التي تقول أن التعلم عن طريق الكتاب الإلكتروني
كان أسهل وأسرع من الكتاب التقليدي. وذكر عبيد وعبدالرحمن (Ebied,Abdulrahman, 2015) أن الكتاب الإلكتروني ساهم
في ارتفاع مستوى تحصيل الطلاب في دورات الحاسب الآلي. وتوصلت كل من يودوبي ونايدو
(Udupi&
Naidu, 2017)
إلى أن الكتاب الإلكتروني ساعد على فهم الموضوعات بطريقة سهلة، ولاحظا أن التعلم كان
أكثر مرونة، كما توصلا أن الكتاب الإلكتروني التفاعلي خفف من الجهد والضغط على المعلم.
وذكر سميتس وبص (Smeets
&bus, 2015)
أنه من المناسب استخدام هذه الكتب في البيئة التعليمية حيث أنها تضيف قيمة داعمة للمناهج
الدراسية.
وهناك
دراسات أظهرت أثرا إيجابيا للكتب الإلكترونية التفاعلية على توجهات الطلاب، فقد توصل
زهان كنيدي وتشيسون (Zhang-Kennedy& Chiasson, 2016) إلى أن الكتاب الإلكتروني له جاذبية ومتعة بالنسبة
للطالب. كما كان للكتاب الإلكتروني أثر إيجابي عند استخدامه في الفصول المقلوبة، وكان
بمثابة أداة معززة لتلك الاستراتيجية، حيث وجد كل من هوانج ولي (Huang,lai, 2017) أن الكتاب الإلكتروني التفاعلي عمل على تعزيز
الكفاءة الذاتية للطالب في تعلم الرياضيات ودعم استراتيجية الفصول المقلوبة. كما ساهم
الكتاب الإلكتروني التفاعلي في تحليل سلوك الطالب المعرفي، وذلك من خلال ربطه بأنظمة
إدارة التعلم، حيث يستطيع المعلم معرفة الأوقات المناسبة التي يقرأ فيها الطالب، ومعرفة
أكثر المواضيع جاذبية للطالب، ومن خلال ردود الطالب وعمل الملخصات يستنتج المعلم اتجاه
الطالب نحو الكتاب الإلكتروني التفاعلي. وهذا ما أشار إليه هوانج ولي ووانج (Hwang , Lai, & Wang, 2015).
ومن
خلال ما تم سرده من دراسات سابقة أستخلص أن للكتاب الإلكتروني التفاعلي قيمة في التعليم،
حيث عمل على زيادة متعة التعلم واستفاد المعلمون من مزاياه في جذب انتباه الطلاب، كما
أضاف الكتاب الإلكتروني للتعليم قيمة حقيقية، و حوّل دور المعلم من مصدر للمعلومات
إلى مرشد وميسر للطلاب، وساعد الحكومات على التخفيف من عبء الطباعة وتكاليفها. كما
ساهم الكتاب التفاعلي في رفع مستوى التحصيل لدى الطلاب، وعزز الاتجاه الإيجابي نحو
التعلم.
تعريف
الكتاب الإلكتروني التفاعلي
يعتقد
بعض الباحثين والمؤلفين أن الكتاب الإلكتروني هو نفسه الكتاب التقليدي ولكن تم تحويله
إلى نسخة رقمية وهذا مخالف للصواب. فقد أشار أبو الذهب و يونس (2013) أن الكتاب الإلكتروني
هو أحد أشكال التعليم والتعلم الإلكتروني حيث يتم تحويل الكتاب الورقي إلى نسخة رقمية
تحوي صفحات منسقة، وتتكون هذه الصفحات من وسائط متعددة بأشكال مختلفة يتم رفعها على
الإنترنت. وقد ذكر أحمد (2015) أن الكتاب الإلكتروني ملف رقمي يتضمن بعض الرسوم والصور
الثابتة والمتحركة المدعومة بالمؤثرات الصوتية، وأضاف السيد (2016) أن الكتاب الإلكتروني
يتم نشره بصورة إلكترونية وتتمتع صفحاته بمواصفات صفحات الويب. وأضافت اليامي
(2014) أن الكتاب الإلكتروني التفاعلي يمثل بيئة تعليمية متكاملة تحتوي على الوسائط
المتعددة والأنشطة والاختبارات وأدوات التحكم. ومن خلال تعاملي مع الكتب الإلكترونية
أجد أنها ملفات إلكترونية يتم تخزينها على جهاز الحاسب أو أي وسيلة تخزين أخرى، وتحتوي
على صور ونصوص ومقاطع فيديو وملفات صوتية وروابط تشعبية، وقد سميت بالتفاعلية لأنها
تستجيب لأوامر مستخدميها مثل الانتقال من صفحة إلى أخرى وغيرها من الأوامر. وذكرت اليامي
(2014) أن هناك ثلاثة ركائز للكتاب الإلكتروني وهي:
محتوى
الكتاب الإلكتروني: مثل النصوص والصور والرسومات والإيضاحات والتسجيلات والرسوم المتحركة.
البرنامج:
وهو المسؤول عن قراءة المحتوى الإلكتروني.
الجهاز
الإلكتروني: حيث تتمحور وظيفته في تشغيل البرامج المسؤولة عن قراءة الكتاب الإلكتروني.
نشأة
الكتاب الإلكتروني التفاعلي
ترجع
نشأة الكتاب الإلكتروني بداخل المختبرات العلمية إلى فترة الستينات الميلادية حيث تم
في ذلك الوقت إضافة الصور المتحركة والصوت إليه، ويعتبر أندري فان دام (Andree van dam) أول من صاغ مصطلح الكتاب
الإلكتروني في عام 1967 م، وكان مدعوما من قبل شركة أي بي إم (IBM) (عزت،2012). إلا أن اليامي (2014) قد أشارت
أنه من الصعب تسمية مبتكر الكتاب الإلكتروني على مستوى العالم، حيث تظهر العديد من
المقولات التي تختلف حول بداية نشأة الكتاب الإلكتروني حيث لا إجماع على ذلك، وترى
أن السبب في ذلك عدم وجود تعريف ثابت ومحدد للكتاب الإلكتروني.
الفرق
بين الكتاب الإلكتروني والكتاب الإلكتروني التفاعلي.
من خلال قراءتي
لمجموعة من الكتب الإلكترونية أرى أنها قريبة جدا من الكتاب التقليدي حيث تحتوي
على صور، ونصوص فقط، في حين أن الكتب الإلكترونية التفاعلية تتفاعل مع
المستخدم، فنجد مثلا روابط عند الضغط عليها تقوم بفتح مقاطع اليوتيوب، والبعض منها
تتفاعل بحيث تعزز من عملية التقويم، فنجد أنها تعرض للمستخدم في نهاية الوحدة بعض
الأسئلة يستطيع المستخدم الإجابة عليها وفي حالة الإجابة الخاطئة نجد أنها تقوم
بإعطاء تغذية راجعة للإجابة الصحيحة. وقد أشارت اليامي (2014) أن هناك صفات مشتركة
بين الكتاب الإلكتروني التفاعلي وغير التفاعلي من حيث وجود النصوص والصور ولكن نجد
أن الكتب التفاعلية تقدم حلولا تعليمية متكاملة، و تتبع أنماط مختلفة في التصميم.
وتتميز الكتب التفاعلية بوجود الرسوم المتحركة ومقاطع الصوت والفيديو والروابط
التشعبية. أما غير التفاعلية فنجدها تعتمد على النمط الخطي فقط.
مميزات
وعيوب الكتاب الإلكتروني التفاعلي
لقد وضّح عبيد وعبد الرحمن
(Ebied,Abdulrahman, 2015) بعض
الفروقات بين الكتب المطبوعة والكتب الإلكترونية، ومن خلال تحليل هذه الفروقات
نستطيع القول أن الكتب الإلكترونية تتميز بالتالي:
1. سهولة الوصول إليها
من خلال شبكة الإنترنت مع إمكانية نشرها على مستوى العالم، و في وقت قصير بمجرد
رفعها إلكترونيا.
2. تتميز الكتب
الإلكترونية بسهولة تحديثها حيث لا نحتاج إلى إعادة طباعتها مرة أخرى مثل الكتب
المطبوعة وهذا يوفر الوقت والمال.
3. تعتمد على الوسائط
المتعددة بأشكالها المختلفة، ولو تمت مقارنتها بالكتب التقليدية فسنجدها تتعامل مع
النصوص والصور فقط، أما الكتب الإلكترونية فنجدها تتعامل مع النصوص والصوت
والفيديو والصور المتحركة والصور.
4. ومن مميزاتها أنها
تسهل على الطالب عملية البحث فإذا أراد الطالب البحث عن كلمات معينة بداخل الكتاب
الإلكتروني فكل ما عليه فعله هو وضع الكلمة المفتاحية، ثم يضغط على كلمة بحث ويظهر
له معظم الجمل والصفحات التي تحتوي هذه الكلمة.
5. بعض الكتب
الإلكترونية تسمح بتغيير الألوان والخلفيات وإضافة بعض الخصائص التي تناسب ذوي
الاحتياجات الخاصة.
6. ومن المميزات المهمة
جدا أنها صديقة للبيئة، ومن خلالها سيتم توفير الورق والمحافظة على البيئة، وتسعى
دول العالم لاستخدام هذا النوع من الكتب في مدارسها وهو من أهداف التعليم الأخضر (Green learning) حيث أشار الفيفي (2016) أنه يلزمنا الاستفادة من الخدمات الإلكترونية
لتحقيق هذا النوع من التعلم.
7. تتميز الكتب
الإلكترونية بالتفاعل من خلال الأزرار والارتباطات التشعبية، وهذا التفاعل يعايش
التقنيات الحديثة التي يستخدمها الطلاب، ففي الوقت الحالي أصبح الطلاب أكثر
استخداما للأجهزة الذكية، وبالتالي فإن الكتب الإلكترونية ستخدم الطالب في هذا
الجانب.
أما بالنسبة لعيوب
هذه الكتب ومن خلال تحليل ما نشره عبيد وعبد الرحمن (Ebied,Abdulrahman, 2015) فهي كالتالي:
1. من عيوب الكتاب
الإلكتروني أنه يحتاج إلى جهاز إلكتروني، وبرمجيات تسمح بقراءته، لكن هذه المشكلة
أصبحت في الوقت الراهن شبه متجاوزة بسبب انتشار البرامج التي تدعم الكتب
الإلكترونية بشكل مجاني، كما أصبحت معظم الأجهزة الذكية تخدم الكتاب الإلكتروني.
2. من العيوب التي واجهتني
أثناء عملي في المدرسة أنه لا يمكن توفير جهاز لكل طالب من أجل قراءة الكتاب
الإلكتروني، ولكن تم تجاوز هذا التحدي باستخدام استراتيجية الفصول المقلوبة بحيث يستخدمها الطالب في المنزل. ومن المؤمل في وزارة التعليم بناء
معايير استخدام الأجهزة الذكية داخل المدرسة والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة
في هذا المجال.
3. ومن العيوب التي
أراها في الكتب الإلكترونية التفاعلية، أن الروابط التشعبية المرتبطة بصفحات على
الإنترنت تحتاج إلى اتصال بشبكة الإنترنت، وقد يكلف ذلك تكاليف إضافية على إدارة
المدرسة.
4. ومن العيوب أيضا أنها
تشتت الانتباه لبعض الفئات من الطلاب، وقد توصلت دراسة تاكس وسوارت وبس (Takacs, Swart,
& Bus, 2015) إلى أن الكتب
الإلكترونية التفاعلية أدت إلى تشتيت انتباه الطلاب، وخاصة التفاعلية، ووجدت أن
الكتب الإلكترونية بدون تفاعل كانت أقل ضررا. ويرى بعض الباحثين أن الكتاب
الإلكتروني تأثيره على الطالب مثل الكتاب التقليدي المطبوع، فقد توصلت دراسة هوانج
وليانج وتشين
(Huang, Liang & Chen, 2012) أن
استخدام الكتاب الإلكتروني لم يحدث فرقا في دقة القراءة بالنسبة للطالب.
0 تعليق على موضوع : الكتب الالكترونية التفاعلية
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات